اعتقلت السلطاتُ الإيرانية الأكاديميةَ الإيرانية البارزة، ميمينات حسيني شافوشي، بتهم "التجسس ومحاولة تعطيل سياساتِ البلاد السكانية"...
اعتقلت السلطاتُ الإيرانية الأكاديميةَ الإيرانية البارزة، ميمينات حسيني شافوشي، بتهم "التجسس ومحاولة تعطيل سياساتِ البلاد السكانية"، فيما وُصف بأنه "جولةٌ جديدة من الملاحقات الأمنية" تستهدف هذه المرة العاملين في الديموغرافيا والدراسات السكانية في إيران.
وأعلنت وكالةُ الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) الاثنين خبرَ اعتقال "أستاذة الديموغرافيا"، ونقلت عن المحامي محمود بهزادي قوله إن "حسيني شافوشي لم تختر بعد محاميها من بين 20 محامياً اقترحهم القضاء عليها".
شافوشي التي احتفت بها العديد من الهيئات الإيرانية الرسمية من قبل، تُدَرّس بجامعة ملبورن وتحمل الجنسيةَ الأسترالية أيضاً، وتركز كثيراً على قضايا الخصوبة في إيران، وسبق أن فازت بجائزة كتاب العام سنةَ 2010، عن كتابها "التحول في معدلات الإنجاب في إيران"، شاركها تأليفَه باحثان آخران. كما دُعِيَت للتعاون مع مركز أبحاث البرلمان الإيراني، والمركز الرئاسي للدراسات الاستراتيجية.
لماذا تستهدف طهران الديموغرافيين؟
تلفت شبكة Iran Wire، وهي تجمعٌ للصحافيين الإيرانيين في المهجر والمهتمين بالقضايا الإيرانية، إلى أن إيرانَ كانت تمتلك واحدةً من أكثر سياسات مراقبة السكان فعاليةً في التسعينيات، لكن التحول الجذري حدث منذ عام 2012، عندما دعا المرشد الأعلى للبلاد، آية الله خامنئي، رسمياً إلى زيادة عدد السكان بشكل كبير.
وقال خامنئي آنذاك: "علينا الزيادة في تعداد الشعب الإيراني من 80 مليوناً حالياً إلى ما بين 150 و 200 مليونٍ في المستقبل"، واصفاً سياساتِ التنظيم السكاني في التسعينيات وتحديد النسل التي جرت في ظل رئاسة منافسه، آية الله أكبر هاشمي رفسنجاني، بالخاطئة، واعترف أنه لعب دوراً في حدوث هذا "الخطأ" وطالب بـ"مغفرة الله"، وهو حدثٌ نادر جداً.
وسرعان ما تبنّت الحكومة سياستَه بشأن السكان، وأكد وزيرُ الصحة علناً وقفَ جميع ميزانيات برامج تنظيم السكان. وعام 2016، نشر خامنئي مرسوماً من 16 نقطة حول "السياسات العامة للأسرة"، دعا فيه إلى زيادة معدلات المواليد وشجع النساءَ على الإنجاب، وحثّ العزّابَ على الزواج، والأمهات غير المتزوجات على الزواج مرة ثانيةً، واعتبر هذه السياساتِ خطاً أحمر لا يُسمح بالاقتراب منه.
اتهامات خطيرة لشافوشي
بحسب شبكة Iran Wire فمن المرجح جداً أن يكون اعتقالُ حسيني شافوشي جزءاً من حملةٍ قمعية يقف خلفها أشخاصٌ مقربون من حكومة الرئيس حسن روحاني.
وكانت وكالة أنباء فارس، القريبة من الحرس الثوري الإسلامي، قد نشرت خبرَ اعتقال "عدد من "العملاء" في مجال التحكم على تعداد السكان" أواخرَ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ويومَ السبت، 1 كانون الأول / ديسمبر الجاري، نشرت صحيفةُ كيهان، الناطقة باسم المؤسسة الأمنية في إيران، ما وصفته بأنه "تقريرٌ حصري عن تفاصيلَ جديدةٍ لاعتقال العديد من الأعداء".
وتشتهر كيهان بقيادتها الهجماتِ الدعائيةَ الخاصة بالمؤسسة الأمنية ونسجِ نظريات المؤامرة في تقاريرها بالتزامن مع حملات القمع التي تقوم بها طهران.
وزعمت الصحيفة أن هؤلاء "العملاء" كانوا "يتلاعبون بإحصاءات السكان بهدف تعطيل سياسات البلاد". أضافت أن " أستاذةَ ديموغرافيا مزدوجة الجنسية تدعى م ح اعتقلت من قبل وزارة الاستخبارات والأمن القومي الإيرانية، أثناء محاولتها مغادرةَ البلاد"، وهي إشارةٌ واضحة إلى ميمينات حسيني شافوشي.
ويوم الأحد، 2 ديسمبر / كانون الأول الجاري، ادعت الصحيفة أن "عصابةً من علماء الديموغرافيا سعت لنشر معلوماتٍ كاذبة في إيران من أجل تضخيم معدلات الخصوبة في البلاد"، واتهمتهم بالضغط على الأمم المتحدة "لمحو تقاريرَ أمميةٍ حول أزمة السكان في إيران".
وذكرت الصحيفة شافوشي صراحةً، كما أشارت إلى أن محمد جلال عباسي شافزي، رئيسَ رابطة السكان في إيران، "تم استدعاؤه عدة مرات"، وسلّطتِ الضوء على علاقة الصداقة التي تربطه بشافوشي، والمقالات الأكاديمية التي شارك فيها الاثنان، ونشرتها العديدُ من المجلات الأكاديمية الهامة في إيران.
واتهمت كيهان شافوشي بالانخراط في "التجسس الاجتماعي" والتعاون مع مؤسسات فورد وروكفلر وجيتس بالإضافة إلى صندوق الأمم المتحدة للسكان، قائلةً "لقد فعلوا كلَّ ما بوسعهم لعرقلة سياسات البلاد المتعلقة بالسكان".
كما تحدث نصر الله بجمنفار، عضو البرلمان عن مدينة مشهد وعضو جبهة المقاومة، الفصيل السياسي المتشدد في إيران، عن القضية بشكلٍ علني، وقال لنادي شباب الصحافيين "كان علماء الديموغرافيا الذين تم إلقاء القبض عليهم، يقدمون إحصاءاتٍ سكانيةً زائفة".
أضاف بيجمنفار، وهو أيضاً عضو اللجنة الثقافية بالبرلمان الإيراني: "لقد قاموا بالضغط على الأمم المتحدة لمحو جميع تقارير إحصاءاتها عن السكان في إيران والتي حذرت من المستقبل". وأردف قائلاً: "لقد تعاونوا مع بعض الشخصيات داخلَ الحكومة وتمكنوا من تقديم إحصائياتٍ زائفةً لقادة الصف الأول في النظام"، وهو ما يرجح أيضاً تورطَ شخصياتٍ حكومية بارزة في الاتهامات.
كما زعم أن هناك "أدلةً ووثائقَ تربط هؤلاء الأشخاص بشبكات تجسس غربية" واعداً بنشرها "في الوقت المناسب من قبل الأجهزة الأمنية".
الفساد في الأرض... تهمة العلماء
وتعدُّ حملة اعتقال العلماء في إيران الثانيةَ من نوعها خلال العام الجاري، عقب موجة الاعتقالات التي استهدفت علماءَ البيئة الإيرانيين مطلع 2018.
إذ تعرض 10 علماء بيئة إيرانيين بارزين للاعتقال، بعضهم ما يزال قابعاً في السجن منذ عام، بتهمة "التجسس"، كما اتُهم بعضهم بـ"الفساد في الأرض"، وهي تهمةٌ جنائية مشؤومة في إيران تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وكان من بين المعتقلين كافوس سيد إمامي، عالم الاجتماع والناشط البيئي الإيراني البارز الذي عُثر عليه ميتاً في زنزانته، في 8 فبراير/ شباط ، بعد أسبوعين فقط من اعتقاله، قالت السلطات حينها إنه انتحر لكن أسرته رفضت الروايةَ الرسمية.
يشار إلى أن مسؤولين من جامعة ملبورن صرحوا لـ Iran Wire أنهم يعملون مع وزارة الخارجية الأسترالية في قضية شافوشي. وأكدت مديرةُ العلاقات العامة بالجامعة، إرين دال، أن الجامعة تعمل بشكلٍ وثيق مع وزارة الشؤون الخارجية والتجارة الأسترالية لفهم "هذا الوضع الطارئ بشكل أفضل وبالتالي، ليس من المناسب التعليقُ بأكثر من هذا" حسب قولها.
The post إيران تعتقل أكاديميةً بارزة بسبب "الديموغرافيا" appeared first on رصيف22.
COMMENTS