غزة ـ «القدس العربي»: أثار تواصل الطائرات الإسرائيلية في رشها المحاصيل الزراعية حالة من الغضب والاستياء لدى أعداد كبيرة من المزارعين الذي...
غزة ـ «القدس العربي»: أثار تواصل الطائرات الإسرائيلية في رشها المحاصيل الزراعية حالة من الغضب والاستياء لدى أعداد كبيرة من المزارعين الذين يقطنون على الحدود الشرقية لمدينة دير البلح وخان يونس جنوب قطاع غزة، في ظل الاستهداف المتعمد لضرب الزراعة بالمبيدات الحشرية السامة التي تعمل على قتل المحاصيل وحرقها، إضافة إلى أضرار بشرية خطيرة، وهي معاناة جديدة وكبيرة تضاف إلى المزارعين الذين لم يسلموا طيلة عملهم منذ الصباح وحتى المساء من تربص الأبراج العسكرية الإسرائيلية بهم وإطلاق النار بشكل متواصل تجاههم. ويتفنن الاحتلال في استخدام أسلحة جديدة ومدمرة في خطوة ممنهجة لضرب الاقتصاد الفلسطيني، وتحويله من مصدر إلى مستورد إضافة إلى تهجير المزارعين من أراضيهم.
وفي أحاديث منفصلة، عبر عدد من المزارعين لـ «القدس العربي» عن بالغ استيائهم وتذمرهم من هذا الحصار الجديد والمتعمد الذي يستهدف لقمة عيش آلاف المزارعين، ويؤثر بشكل سلبي على وضعهم الاقتصادي في ظل اعتمادهم الوحيد على الزراعة كمصدر دخل.
وأكد المزارع حسن أبو مغصيب، على أن تواصل الطائرات رشها للمحاصيل يشكل مصدر قلق كبير في ظل غياب الحلول والمناشدات التي توجهنا بها كمزارعين سواء عبر الصليب الأحمر أو المؤسسات الحقوقية الدولية.
وبين أبو مغصيب، أنه تكبد خسائر مالية وصلت قرابة 9 آلاف دولار نتيجة إتلاف أجزاء كبيرة من المحصول الزراعي الخاص بأرضه، موضحاً ان منذ بداية العام الحالي ازدادت غطرسة الاحتلال في حربه ضد المزارعين في حين لم يفرح مئات المزارعين من جني محاصيلهم خاصة الحمضيات التي تعتبر من المحاصيل الموسمية الشتوية، وذلك بسبب الرش المتواصل من قبل الطائرات للمزروعات والتي تعمل على حرقها، عدا تلوث الأرض والتي تحتاج لفترات طويلة لإصلاحها بسبب تشبعها بالسموم الكيميائية، وهذا يشكل أزمة اقتصادية حادة تلقى على كاهل المزارع وعائلته في ظل ارتفاع نسبة الفقر وغياب فرص العمل البديلة.
ويحاول بعض المزارعين حماية المحاصيل من آثار المبيدات، وذلك من خلال تغطيتها بأكياس بلاستيكية تحد من إتلافها، في حين أن هناك أعدادا كبيرة من المزارعين لا تمتلك القدرة على استخدام مثل هذه الوسائل، لارتفاع تكلفتها نظراً لحجم المساحات الزراعية الكبيرة.
هذا حال المزارع أبو عاطف سليمان، والذي بدأ بحماية محصوله الشتوي من نبات السبانخ، إضافة إلى بعض الخضروات من الطماطم والخيار وأشجار البرتقال من آثار المبيدات السامة الحارقة، من خلال تغطيتها قبل الغروب بأكياس بلاستيكية ومن ثم كشفها في الصباح، حيث بين أن هذه الطريقة متعبة كثيراً وتحتاج إلى جهد كبير، عدا التكلفة الكبيرة للأكياس وأجور العمال التي تساعد في ذلك، ولكنه يرى أن هذا الإجراء الوقائي رغم ما يجنيه من تعب، إلا انه يحمي محصوله وتربته من المواد السامة.
وأكد نزار الوحيدي مدير عام الإرشاد والتنمية في وزارة الزراعة في حديثه لـ «القدس العربي» أن المناطق الزراعية الواقعة على الحدود الشرقية تعتبر ذات تربة خصبة ومن أفضل المناطق في غزة، إضافة إلى أنها تشكل سلة الغذاء الرئيسية للغزيين، وأن الاحتلال الإسرائيلي ومن خلال إجراءاته التعسفية تجاه المحاصيل، يريد ضرب الأمن الغذائي في القطاع عبر حرق النبات والأرض معاً كي لا تصلح للزراعة.
وبين الوحيدي أن الخسائر المالية والاقتصادية نتيجة تدمير إسرائيل لقرابة 22 ألف دونم من اجمالي 40000 على الحدود الشرقية وصلت إلى نصف مليار دولار، في وقت تعجز وزارة الزراعة عن إيجاد حلول لوقف الهجمة ومعرفة نوعية المواد الخطيرة التي تشبعت بها الأراضي وأصبحت تشكل علة كبيرة أمام نجاح الزراعة فيها، إضافة إلى المخاطر الصحية الناجمة من نقل مواد مسرطنة إلى الإنسان لخطورة المواد المستخدمة.
وأشار إلى أن المحاصيل الزراعية على الحدود الفاصلة، لم ترتفع أطوالها عن 50 سم ولم تخرج الوزارة عن الاتفاقيات السياسية حول تحديد ارتفاع النباتات وفقاً للإجراءات الأمنية الإسرائيلية، وأن ليس هناك أي مبرر لضرب المحاصيل سوى تدمير الاقتصاد الفلسطيني.
وعبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة عن بالغ قلقها من استمرار طائرات الاحتلال رش المبيدات على المحاصيل الزراعية لما في ذلك من مخاطر كبيرة على البشر، خاصة في ظل ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض نتيجة حمل الهواء للمواد السامة وتعرض المواطنين وخاصة المزارعين لها.
إسماعيل عبدالهادي
COMMENTS