واشنطن ـ «القدس العربي»: تضمنت الإحاطة السرية المقدمة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نصيحة بأحرف كبيرة جدا تقول «لا تهنئ الرئيس الروسي ...
واشنطن ـ «القدس العربي»: تضمنت الإحاطة السرية المقدمة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نصيحة بأحرف كبيرة جدا تقول «لا تهنئ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إعادة انتخابه» ولكن ترامب لم يتبع التوجيهات، وقدم تهنئة للزعيم الروسي، وهو تصرف مشابه لمخالفته توجيهات سابقة تطالبه بإدانة حادث التسمم في المملكة المتحدة.
وانتقد مشرعون من مجلسي النواب والشيوخ ترامب لتهنئته بوتين على إعادة انتخابه، وقالوا ان بوتين ليس صديقا للولايات المتحدة وانه رجل مستبد وطاغية يحاول المساهمة في إضعاف أمريكا وان ترامب كان مخطئا في التهنئة.
وقال السيناتور بن ساس (جمهوري من ولاية نبراسكا) وزميله جون ماكين (جمهوري من اريزونا) ان رئيس الولايات المتحدة لا يقود العالم الحر من خلال تهنئته الحكام المستبدين على الفوز في انتخابات زائفة، وحث بن ساس وماكين إدارة ترامب على قيادة استجابة منسقة لحلف الناتو ردا على تسميم جاسوس سابق وابنته في المملكة المتحدة.
وتأتي هذه التعليقات في الوقت الذي يواصل فيه المحامي الخاص روبرت مولر التحقيق في العلاقات المزعومة بين حملة ترامب وتدخل روسيا في الانتخابات اضافة إلى تعزيز ترامب لهجماته على التحقيقات مشيرا إلى مولر بالاسم للمرة الأولى في تغريدة مثيرة للجدل.
وسخر النائب آدم شيف من ترامب بسبب تجاهله لتحذير الموظفين بعد تهنئة بوتين على فوزه في الانتخابات الأخيرة، وقال ان الرؤساء السابقين للولايات المتحدة لم يكونوا بحاجة إلى موظفيهم ليخبروهم بعدم تهنئة بوتين، بمن فيهم الرئيس السابق باراك اوباما الذي لم يهنئ بوتين على فوزه في عام 2012.
ووصف رئيس مجلس النواب الأمريكي بول ريان الرئيس الروسي بالرجل الخطر، مشيرا إلى انه سيوجه له كلمات قاسية إذا تحدث معه، وقال « فلاديمير بوتين لا يحترم الديمقراطية بل يحاول كل ما في وسعه تقويض الديمقراطيات، ليس فقط الولايات المتحدة وانما جميع الحلفاء، وبالتأكيد ليس لدي كلمات لطيفة يمكن قولها إذا تحدثت معه».
وجاءت تعليقات ريان ردا على سؤال حول ما إذا كان يعتقد ان من المناسب ان يهنئ ترامب بوتين على إعادة انتخابه خلال اتصال مع الزعيم الروسي، وقد واجه ترامب الكثير من الانتقادات من المشرعين على جانبي الممر السياسي بسبب مزاعم بشأن غش على نطاق واسع في الانتخابات، وقال ريان «لا أعرف محتوى تلك المكالمة ولكن أفكاري حول بوتين وروسيا واضحة للغاية».
ودافع ترامب عن قراره تهنئة بوتين قائلا ان روسيا يمكن ان تساعد الولايات المتحدة في عدد من المجالات، وقال ان وسائل الإعلام المزيفة أصابها مس من الجنون لانها تريد ان أتحرش ببوتين، وأضاف «أنهم مخطئون، التوافق مع روسيا أمر جيد وليس أمرا سيئا».
وفوجئ مسؤولو البيت الأبيض عندما قال ترامب انه من المحتمل ان يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذ لم يتم قطعيا مناقشة هذا الاجتماع قبل بيان الرئيس الأمريكي ولم يكن من المتوقع ان يلتقي ترامب وبوتين معا في وقت قريب إلى درجة انه لم يتم تحديد موعد للقاء سريع بين الرجلين أثناء حضورهما المتوقع قمة مجموعة العشرين في الارجنتين في تشرين الأول/نوفمبر.
وقال ترامب «تلقينا دعوة جيدة للغاية، ربما سنجتمع في المستقبل غير البعيد» في حين ذكر الكرملين في وقت سابق ان ترامب هنأ بوتين وانه تم ايلاء اهتمام خاص لاحراز تقدم بشأن مسألة عقد اجتماع محتمل على أعلى مستوى. وقال البيت الأبيض ان ترامب لم يثر قضية المساعي الروسية للتدخل في الانتخابات الأمريكية أو تسميم الجاسوس الروسي السابق على أرض بريطانية، وبدلا من ذلك، ناقش ترامب وبوتين «المصالح المشتركة» بما في ذلك اوكرانيا وكوريا الشمالية.
ورفض البيت الأبيض القول ما إذا كان يعتقد ان فوز بوتين كان نتيجة لانتخابات حرة ونزيهة، إذ قالت سارة هاكابي ساندرز، المتحدثة الإعلامية للبيت الأبيض «لا يمكننا املاء كيف تعمل الدول الأخرى، ما نعرفه ان بوتين انتخب في بلاده».
تعليقات وتصرفات ترامب تدل بوضوح ان لديه رغبة قوية لإقامة علاقات دافئة مع روسيا وبوتين ولكن هذه الطموحات تواجه معارضة داخلية ناهيك عن سلسلة طويلة من المشاكل والخلافات، وقد رحبت موسكو برغبة ترامب في إجراء محادثات بعد فوز بوتين ولكنها حذرت من ان الانفراج قد يستغرق بعض الوقت.
وبالنسبة إلى العديد من المحللين والسياسيين في الولايات المتحدة اضافة إلى المنصات الإعلامية، فان فوز بوتين وترحيب ترامب لا يعني سوى ان العالم يغرق بالفعل في محيط من الطغيان، وفي تحليلات تقترب من لغة باكية، قال هؤلاء ان الأمور لم تكن من المفترض ان تحدث بهذه الطريقة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991 إذ كان من المفترض ان تنتصر الديمقراطية إلى أجل غير مسمى ولكن الأمور انتهت بإعادة انتخاب بوتين رئيسا لروسيا بنسبة 77 في المئة مع لقب يصفه بمنقذ البلاد.
وقال مراقبون ان دفاع ترامب عن موقفه الناعم تجاه بوتين وروسيا ليس مفهوما على الإطلاق، كما ان حجج البيت الأبيض ان الانتقادات قد تشتت الانتباه عن الهدف الأوسع المتمثل في الانسجام والتعاون ليست حقيقية، واستنتج العديد من المرقبين ان ترامب لا يرغب قطعيا في تحدي بوتين، وقالوا ان تعليقات ترامب بان التشدد مع روسيا وسيلة خاطئة هو مثال واضح على ما هو على استعداد لتحمله في المستقبل.
رائد صالحة
COMMENTS